بـــــــــــريد الجمعــــــة -- 24 ابــــريل 2009

{‏ محمد وكريم وقبلهما طارق‏,‏ وبعدهما عشرات بل مئات من البشر تسيل دماؤهم علي الأسفلت‏.‏

شباب مثل الورد‏,‏ زوج وأب لطفلين‏,‏ وعريس سند أمه وفرحتها وأمانها وشاب رياضي يافع‏,‏ وغيرهم كثيرون يدفعون حياتهم ثمنا لشاب طائش‏,‏ وآخر جاهل يتحدي القانون بسيارته الميكروباص‏,‏ كما يفعل أمثاله الآلاف علي مرأي ومسمع الجميع بمن فيهم رجال الشرطة الذين عجزوا عن مواجهة هذه المافيا‏,‏ وثالث سكير وعمره لم يتجاوز‏19‏ عاما‏..‏ وفي النهاية جريمتهم قتل خطأ‏.‏ تهور واندفع واخترق واقتل ولا تقلق فالقانون يحميك‏,‏ ستدفع تقريبا ما يعادل قيمة مخالفتي المحمول والحزام‏.‏ يمكن للأب أن يقول لابنه‏:‏ اياك أن تسير عكس الاتجاه فالقانون صارم ووزير الداخلية يرفض الاستثناءات‏,‏ إن فعلت قد تسجن ثلاث سنوات‏,‏ اقتل وسأخرجك من سرايا النيابة بكفالة صغيرة وستحصل علي عقوبة مالية بمئات الجنيهات ولكن في النهاية ستنام في حضني‏,‏ أما أحضان زوجة طارق وأم محمد وأسرة كريم فستشتعل قلوبهم نارا‏.‏

انشغلنا في مناقشة حقيبة الإسعاف والحزام ولم نلتفت كما لم يلتفت أعضاء مجلسي الشعب والشوري أثناء مناقشة القانون لثغرة القتل الخطأ‏.‏ تلك الثغرة التي تشجع علي الفوضي والانفلات‏.‏ تلك الثغرة التي يستغلها الأثرياء الذين يدللون أبناءهم علي حساب أرواح البشر‏,‏ وفتوات الميكروباص‏.‏ مات طارق وكريم ومحمد وهم لا يعرفون ما ذنبهم‏..‏ الموت يلاحقهم أينما كانوا علي الرصيف أو في منتصف الطريق أو علي ظهر موتوسيكل‏!‏

لا أعرف كيف ينام هؤلاء الجناة؟‏..‏ كيف ينام أحمد قاتل محمد‏,‏ وكيف قبل والده أن يطهر نفسه وابنه بدفع دية القتل الخطأ لأم محمد؟

لا أعرف كيف ننام جميعا‏,‏ من وضع هذا القانون ومن صمت عليه؟ أليس هذا واجب أعضاء مجلس الشعب‏,‏ واجبهم أن يطالبوا بتعديل القانون وتشديد عقوبة القتل الخطأ‏,‏ خاصة إذا اقترنت بالسكر أو التجاوز في السرعة أو غيرها من المخالفات؟

أليس من الواجب إلزام القاتل بدفع دية فورية شرعية لأهل القتيل مع عدم إعفائه من تنفيذ عقوبة الحبس؟

كل حرف في رسالة أم محمد يؤلم القلب ويشعرنا بالمهانة والعجز والسلبية‏..‏ دم طارق وكريم يجب ألا يضيع هدرا‏,‏ وستظل هذه المساحة مشرعة لكل من تجرع ألم الفراق بسبب عجز القانون‏,‏ واصلوا أنينكم ونحن معكم حتي تبرد ناركم‏,‏ ونحمي آخرين من هذا المصير المؤلم بسبب قانون قاصر مخز وقاتل‏!!‏