بغض النظر عن المصير الذي ينتظر غانا في مباراتها الليلة أمام الولايات المتحدة الأمريكية،
سيكون على القارة الأفريقية أن تتعامل مع حقيقة مرّة تتمثل بخروج خمسة من ممثليها الستة
من مرحلة المجموعات رغم أن الكثير كان يُنتظر من منتخبات تزخر بالمواهب.
ورغم أن التحديات التي واجهت ممثلي أفريقيا كانت مختلفة، وكذلك كان الحال بالنسبة
لاستعدادات وخطط كل منتخب لخوض كأس العالم FIFA 2010، إلا أن القارة التي وقفت بشكل
رائع صفاً واحداً خلف منتخباتها سيكون عليها أن تبدأ بالبحث عن إجابة فيما يتعلق بالأداء الذي
ظهرت عليه. ما من شك في أن النجوم السمراء لا تزال تحمل لواء الكرة الأفريقية في هذا المحفل
الرياضي العالمي، إلا أن ذلك لا يُقلل من أهمية السؤال: ما هو سبب هذا الأداء الذي أتى أقل من
المتوقع؟
قد تكون الإجابة الأساسية للقارة الأفريقية بالإجمال متعلقة بجودة البطولة والفارق الضئيل بين
المنتخبات في هذا المستوى الرفيع من المنافسات الذي يفصل بين الفوز والخسارة. وربما يكون
السويدي لارس لاجرباك مدرب المنتخب النيجيري، الأقدر على تقديم الإجابة لذلك السؤال كونه
شخصٌ لم يكن لديه أية خبرة في عالم المستديرة الساحرة في القارة الأفريقية حتى أشهر قليلة
سبقت البطولة. حيث قال محاولاً تقديم تفسير عن ذلك السؤال المتعلق بأداء منتخبات القارة
جميعها: "هناك هامشٌ ضيّقٌ جداً للفوز أو الخسارة عندما يلعب المرء على هذا المستوى. هذا
هو التفسير الوحيد بالنسبة لي، ولستُ متأكداً من أنني على صواب. لكن ربما تحتاج الفرق
الأفريقية إلى استمرارية أكثر في اللعب على هذا المستوى."
وأشار مدرب النسور النيجيرية إلى الأسطورة نوانكو كانو باعتباره اسماً يملك خبرة كروية عريضة
في قيادة الفريق ويمكن أن يعود إلى بلاده ويُساعد في تطوير اللعبة. أما المدرب الأفريقي الوحيد
في هذه النهائيات، وهو الجزائري رابح سعدان، فقد وافق على ما قاله لاجرباك وأضاف مع
الإشارة إلى أن إمكانيات منتخبات القارة غير محدودة: "أعتقد أن أفريقيا تخطو في الاتجاه الصحيح
فيما يتعلق بالإمكانيات الفردية للاعبين. أما الآن، فهناك حاجة إلى مزيد من الاستقرار، وبخاصة
فيما يتعلق بالمنتخبات الوطنية التي تحتاج إلى الكثير من النظام والعمل المنهجي. وأعتقد أن
الفرق الأفريقية ستصبح في غضون سنوات قليلة من بين الأفضل في العالم."
وبالنسبة للاعبين، لم يكن مفاجئاً أن تأتي إجاباتهم مع حزن دفين. وعن تلك الهوة التي تفصل
بين المنتخبات الأفريقية وبقية فرق العالم، قال جان ماكون نجم منتخب الكاميرون الذي لم يشفع
له لقب الأسود غير المروضة وكان أول فريق يخرج من البطولة: "نشعر بحزن عميق من أجل
أفريقيا والكاميرون وبعضنا البعض. ندرك جيداً أن هناك دولاً معينة يمكن أن ترصّ صفوفها وتأتي
بعدد من اللاعبين الموهوبين الذين يمكن أن يُظهروا أداءً جيداً جداً. وبسبب ذلك فإن بعض
منتخبات العالم متفوقة علينا نوعاً ما نحن الأفارقة. لكن لا تزال أمامنا إمكانية تحسين مستوى
أدائنا مقارنة بدول أخرى." أما النيجيري فينسنت إنياما، الذي يُنظر إليه على أنه أفضل
حارس في البطولة حتى الآن، فقد عكس كلامه شعور الأسى نفسه بينما لمّح إلى سبب
محتمل آخر لإقصاء منتخبات القارة عن البطولة ويتمثل بالمستوى العالي للتوقعات. حيث
قال: "أشعر بالأسى لأفريقيا عموماً. لقد خيبنا أمل الكثير من الناس، وعلينا أن نتقدم بالاعتذار
لهم ونقول ’نحن آسفون‘ لأننا خذلنا دولة كاملة، لا بل قارة بأسرها... ما الذي يمكن أن أقوله؟"
بينما تحدث نجم كوت ديفوار سالومون كالو عن تلك الرغبة الجامحة بالفوز: "أعتقد أننا جميعاً
راكمنا الكثير من الضغوط على كاهلنا لكون هذه النسخة من كأس العالم تستضيفها قارتنا. كانت
التوقعات مرتفعة جداً وتعهدنا على أنفسنا بأن نبلي بلاءً حسناً، لكن تلك الضغوط تسببت بالتوتر
أكثر من أي شيء آخر وكانت حجر عثرة في طريق إظهار مواهبنا. كان هناك بعض اللاعبين الذين
لا يصل أداؤهم للمستوى المطلوب. وقد أدت الضغوط الملقاة على كاهلهم إلى النيل من
قدراتهم."
لكن رغم المناخ التشاؤمي الذي تلا الصفعة القاسية التي تلقتها المنتخبات الأفريقية، إلا أن
زميل كالو لاعب خط الوسط المتألق ديدييه زوكورا لم يبتعد عن الروح الأفريقية المتفائلة
والمعهودة لأبناء القارة السمراء في نظرته إلى جنوب أفريقيا 2010. حيث أكّد أن القارة أنجزت
يستمتع به العالم بأسره. وأضاف: "ستبقى هذه البطولة محفورة في تاريخ العالم. سيتذكرها
الجميع باعتبارها النسخة الأفريقية الأولى لكأس العالم. هذه هي بلاد نيلسون مانديلا الذي قدّم
الكثير للقارة السمراء. وإذا سألتموني عمّا إذا كان أداء المنتخبات الأفريقية مخيباً، فإني أعتقد أنه
ومقارنة بعام 2006، كان هناك تقدمٌ كبيرٌ. وبالنسبة لي، أظنّ أن الأمر الأهم يتمثل بتلك الصورة
المشرفة التي ظهرنا بها أمام العالم بأسره."