الأهم في رمضان.. ونصر الأمة!
(اجعل رمضان انطلاقةً للنصر)
د.مهدي قاضي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
تمر أمتنا حالياً بفترة هي من أشد وأحرج الفترات التي مرت عليها على مدى تاريخها,....وكل
الأمة مسؤولة عن هذا الواقع, وعليها أن تسارع وتبذل الجهود للتغيير ولإعادة الأمة إلى عزها
ووضعها الطبيعي الذي يفترض أن تعيشه بين الأمم..أمة قائدة لا تابعة.. عزيزة لا ذليلة.. تحمي
أبناءها وتحفظهم بإذن الله من كيد الأعداء وتنكيلهم.
وإن أهم جانب تقوم به الأمة لتُصلِح أوضاعها هو انطلاقتها القوية في العودة الصادقة إلى الله
وتوبتها من أي ذنب وأي أمر لا يرضاه, وبذلها الجهود للواجب الكبير واجب الدعوة أمراً بالمعروف
ونهياً عن المنكر وتبصيرا وهداية للغير ممن غفل عن الحق والهدى, وهذا هو الطريق الذي
سيوصل الأمة إلى العزة والقوة والجهاد والنصر فيه بإذن الله, قال تعالى (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ) (محمد:7),
وقال سبحانه (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)..الآية(الرعد:11),
وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عن ابن عمر ( إذا تبايعتم بالعينة, وأخذتم أذناب
البقر, ورضيتم بالزرع, وتركتم الجهاد, سلط الله عليكم ذلاً لا يرفعه عنكم حتى ترجعـوا إلى دينكم)
(سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني).
وهنا يأتي دوري ودورك أخي المسلم في أن نبدأ هذا المسير وهذه الانطلاقة.
وفريضة صيام شهر رمضان هذه الفريضة العظيمة والركن الهام من أركان الدين حكمتها الأساس
تحقيق التوبة والتقوى والابتعاد عما لا يرضي الله والمسارعة إلى ما يحبه ويأمر به, قال تعالى
يا
أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقـون)(البقرة:183).
وتحقيق التقوى بالتزام أوامر الدين وواجباته (ومنها واجب الدعوة الذي تزداد أهميته ووجوبه في
مثل هذا العصر الذي بعدت فيه الأمة) وترك ما يحرمه هو أهم ما يحبه الله في رمضان وفي أي وقت
آخر, وأهم مـن الازدياد في الأعمال الصالحة المستحبة, وفي الحديث القدسي الصحيح: (وما
تقرب إلي عبدي بشيءٍ أحب إليَّ مما افترضت عليه..) رواه البخاري وإبن حبان, وفي الحديث
أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم: (اتق المحارم تكن أعبد الناس) رواه الترمذي وحسنه الألباني,
وفي الأثر عن ابن عمر رضي الله عنه ) :لََرَدُّ دَانِـقٍ من حرام أحب إلى الله من إنفاق مائة ألفٍ في سبيل الله).
وإذا تمعنت أخي المسلم الغيورحكمة الصيام ثم تأملت واقع الأمة وآلامها والذبح والإذلال والمخاطر
التي تتعرض لها في شتى بقاع الأرض, لا نشك في أن قلبك الطيب وفكرك النير سيستشعر بإذن
الله ضرورة ووجوب وأهمية وحتمية وفرضية انطلاقتنا لتغيير ما بأنفسنا وإصلاح وتذكير من حولنا
لتَصْلُح أحوالنا ويأتينا النصر ونفلح في دنيانا وآخرتنا.
أخي المسلـم:
إن نياح الثكالى,
وبكاء اليتامى,
وآلام الجرحى,
وصرخات المعذبين,
وحسرات المشردين,
ومعاناة المأسورين,
كلها تدعوك لهذا التغيير وهذه الانطلاقة.
جراحُ المسلمينَ أسىً كئيبُ ----- فما لكَ لا تُحسُّ ولا تُنيبُ !
وما لكَ لا تبالي بالمخازي ----- تجلِّلهم !! فما هذا الغـروبُ ؟!
لياليهم مآس ٍ فـي مـآسي ----- فلا فجرٌ بعيدٌ أو قـريبُ
وقد أضحى ثراهم دونَ حام ٍ----- وبينَ بيوتهمْ شبَّ اللهيبُ
تلفُّهمُ الهمومُ بكلِّ حدب ٍ ----- ولولا الصبرُ ما كانت تطيبُ
كأنَّ مصائب الدنيا جبالٌ----- رستْ فوقَ القلـوب ِ فلا تغيـبُ
يكادُ الصخرُ منْ حـَزَن ٍ عليهمْ ----- يذوبُ وأنتَ قلبكَ لا يذوبُ
أتغفو؟؟ ما خُلقتَ لمثل ِ هذا ----- وقلبكَ لم يؤجـجهُ الوجيبُ
أأنتَ وريثُ منْ أحيوا بعلم ٍ----- عقولَ النـاس ِ فكراً, لو تجيـبُ
فليتكَ والهمومُ مخيماتٌ ----- إلى الإيمان ِ والتقـوى تؤوبُ
ولـو لمْ تكنْ منا لهانـتْ----- مصيبتنا بمثلـكَ يا حبيبُ
فإن لمْ تستجـبْ منْ بعدِ هذا ----- فلسـتُ أخالُ أنكَ تستجيبُ(1)
فهلا جعلت أخي المسلم شهر رمضان الكريم الذي يمر في هذه الأيام وامتنا في هذه المعاناة
بداية المسير للصلاح والإصلاح, ولعمل كل ما يرضي الله وكل خير وكل ما يعين الأمة على استعادة مجدها في أي جانب من جوانب الحياة.
ابدأ أخي ولا تتأخر فالعمر قصير والواقع مرير, والأمة تنتظر نصرك فلا تخذلها!.
قال تعالى( وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) ( النور:31),
وقال سبحانه: ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين).. الآية (التوبة:119) .
وتذكر أجرك الكبير باستجابتك لأمر خالقك واجتهادك في طاعته, فالجائزة جنة الخلد, ودرجاتها ما
بين الدرجة والدرجة كما بين السماء والأرض.
قال تعالى(ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون) (الأعراف:43).